الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: غاية الوصول إلى شرح لب الأصول
.(مسألة من الألطاف): جمع لطف بمعنى ملطوف أي من الأمور الملطوف بالناس بها. (حدوث الموضوعات اللغوية) بإحداث لله تعالى، وإن قيل واضعها غيره من العباد لأنه الخالق لأفعالهم وفائدتها أن يصبر كل أحد من الناس عما في نفسه مما يحتاجه لغيره ليعاونه عليه لعدم استقلاله به. (وهي) في الدلالة على ما في النفس (أفيد من الإشارة والمثال) أي الشكل لأنها تعم الموجود والمعدوم، وهما يخصان الموجود المحسوس. (وأيسر) منهما أيضا لموافقتها للأمر الطبيعي دونهما لأنها كيفيات تعرض للنفس الضروري (وهي ألفاظ)، ولو مقدّرة أو مركبة ولو تركيبا إسناديا (دالة على معان) خرج بالألفاظ الدوال الأربع، وهي الخطوط والعقود والإشارات والنصب، وبما بعدها الألفاظ المهملة. (و) إنما (تعرف بالنقل) تواترا كالسماء والأرض والحر والبرد لمعانيها المعروفة أو آحادا كالقرء للحيض وللطهر. (وباستنباط العقل منه) أي من النقل نحو الجمع المعرف باللام عام، فإن العقل يستنبطه مما نقل أن هذا الجمع يصح الاستثناء منه بأن يضم إليه، وكل ما صح الاستثناء منه مما لا حصر فيه فهو عام للزوم تناوله للمستثنى، فعلم أنها لا تعرف بمجرد العقل، إذ لا مجال له في ذلك (ومدلول اللفظ) إما (معنى جزئي أو كلي) لأنه إن منع تصوّره من الشركة فيه كمدلول زيد فجزئي، وإن لم يمنع منها كمدلول الإنسان فكلي، (أو لفظ مفرد) إما مستعمل كمدلول الكلمة بمعنى ما صدقها كرجل وضرب وهل، أو مهمل كمدلول أسماء حروف الهجاء كحروف جلس أي جه له سه. (أو) لفظ (مركب) إما مستعمل كمدلول لفظ الخبر أي ما صدقه كقام زيد أو مهمل كمدلول لفظ الهذيان، وسيأتي ذلك في مبحث الأخبار مع زيادة وإطلاق المدلول على الماصدق كما هنا شائع، والأصل إطلاقه على المفهوم وهو ما وضع له اللفظ. (والوضع) الشامل للغوي والعرفي والشرعي (جعل اللفظ دليل المعنى) فيفهمه منه العارف لوضعه له. (وإن لم يناسبه في الأصح) لأن اللفظ علامة للمعنى بطريق الوضع، ولأن الموضوع للضدين كالجون للأسود والأبيض لا يناسبهما، واشترط عباد الصيمري من المعتزلة مناسبته له، قال وإلا فلم اختص به، وعليه فقيل أراد أنها حاملة على الوضع على وفقها فيحتاج إليه، وقيل أراد أنها كافية في دلالة اللفظ على المعنى، فلا يحتاج إلى الوضع يدرك ذلك من خصه الله به كما في القافة ويعرفه غيره منه.حكي أن بعضهم كان يدعي أنه يعلم المسميات من الأسماء فقيل له ما مسمى آدغاغ وهو من لغة البربر؟ فقال أجد فيه يبسا شديدا وأراه اسم الحجر وهو كذلك. قال الأصفهاني والثاني هو الصحيح عن عباد. (واللفظ) الدال على معنى ذهني خارجي أي له وجود في الذهن بالإدراك، ووجود في الخارج بالتحقق كالإنسان بخلاف المعدوم لا وجود له في الخارج كبحر من زئبق. (موضوع للمعنى الذهني على المختار) وفاقا للإمام الرازي وغيره، لأنا إذا رأينا جسما من بعيد وظنناه صخرة سميناه بها، فإذا دنونا منه وعرفنا أنه حيوان وظنناه طيرا سميناه به، فإذا دنونا منه عرفنا أنه إنسان سميناه به، فاختلف الاسم لاختلاف المعنى الذهني، وذلك يدل على أن الوضع له والجواب بأن اختلاف الاسم لذلك الظن أنه في الخارج كذلك، فالموضوع له ما في الخارج والتعبير عنه تابع لإدراك الذهن له حسبما أدركه مردود بأنه لا يلزم من كون الاختلاف لظن ما ذكر أن يكون اللفظ موضوعا للمعنى الخارجي. وقيل موضوع للمعنى الخارجي لأن به تستقرّ الأحكام ورجحه الأصل، وقيل موضوع للمعنى من حيث هو من غير تقييد بذهني أو خارجي، واختاره السبكي. قال ابنه في منع الموانع والخلاف في اسم الجنس أي في النكرة إذ المعرفة منه ما وضع للخارجي، ومنه ما وضع للذهني كما سيأتي. وهذا التقييد يؤيد ما اخترته إذ النكرة موضوعة لفرد شائع من الحقيقة وهو كلي لا يوجد مستقلًا إلا في الذهن كما أوضحته في الحاشية.(ولا يجب) هو أولى من قوله وليس (لكل معنى لفظ بل) إنما يجب (لمعنى محتاج للفظ) إذ أنواع الروائح مع كثرتها ليس لها ألفاظ لعدم انضباطها، ويدل عليها بالتقييد كرائحة كذا، فليست محتاجة إلى الألفاظ وبل هنا انتقالية لا إبطالية. (والمحكم) من اللفظ (المتضح المعنى) من نصّ أو ظاهر (والمتشابه) منه (غيره) أي غير المتضح المعنى ولو للراسخ في العلم. (في الأصح) بناء على أن الوقف في الآية المشار إليها بعد على إلا الله. (وقد يوضحه الله لبعض أصفيائه) معجزة أو كرامة، وقيل هو غير متضح المعنى لغير الراسخ في العلم بناء على أن الوقف في الآية على: {والراسخون في العلم} والاصطلاح المذكور مأخوذ من قوله تعالى: {منه آيات محكمات} إلى آخره. وذكر الخلاف من زيادتي وتعريفي للمتشابه بما ذكر أولى من قوله والمتشابه ما استأثر الله بعلمه لأن ذاك تعريف بالملزوم. (واللفظ الشائع) بين الخواص والعوام. (لا يجوز وضعه لمعنى خفي على العوام) لامتناع تخاطبهم بما هو خفيّ عليهم لا يدركونه وإن أدركه الخواص. (كقول مثبتي الحال) أي الواسطة بين الموجود والمعدوم كما سيأتي أواخر الكتاب. (الحركة معنى يوجب تحرك الذات) أي الجسم، فإن هذا المعنى خفيّ التعقل على العوام، فلا يكون معنى الحركة الشائعة بين الجميع ومعناها الظاهر تحرك الذات أو انتقالها..(مسألة المختار) ما عليه الجمهور. (أن اللغات توقيفية): أي وضعها الله تعالى فعبروا عن وضعه لها بالتوقيف لإدراكه به. (علمها الله) عباده (بالوحي) إلى بعض أنبيائه وهو الظاهر لأنه المعتاد في تعليم الله. (أو بخلق أصوات) في أجسام بأن تدلّ من يسمعها من العباد عليها. (أو) خلق (علم ضروري) في بعض العباد بها واحتج للقول بالتوقيف بقوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} أي الألفاظ الشاملة للأسماء والأفعال والحروف، لأن كلًّا منها اسم أي عال بمسماه إلى الذهن أو علامة عليه، وتخصيص الاسم ببعضها عرف طرأ وتعليمه تعالى دالّ على أنه الواضع دون البشر، وقيل هي اصطلاحية لا توقيفية أي وضعها البشر واحد أو أكثر وحصل عرفانها منه لغيره بالإشارة والقرينة، كالطفل، إذ يعرف لغة أبويه بهما، واحتج لهذا القول بقوله تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} أي بلغتهم فهي سابقة على البعثة ولو كانت توقيفية والتعليم بالوحي لتأخرت عنها، وقيل القدر المحتاج إليه في التعريف بها للغير توقيفي لدعاء الحاجة إليه وغيره محتمل، وقيل القدر المحتاج إليه في التعريف اصطلاحي وغير محتمل، والحاجة إلى الأول تندفع بالاصطلاح، وتوقف كثير من العلماء عن القول بواحد من هذه الأقوال لتعارض أدلتها.(و) المختار (أن التوقيف مظنون) لظهور دليله دون دليل الاصطلاح، إذ لا يلزم من تقدم اللغة على البعثة أن تكون اصطلاحية لجواز أن تكون توقيفية ويتوسط تعليمها بالوحي بين النبوّة والرسالة. (وأن اللغة لا تثبت قياسا) أي به بقيد زدته بقولي (فيما في معناه وصف) فإذا اشتمل معنى اسم على وصف مناسب للتسمية كالخمر أي المسكر من ماء العنب لتخميره أي تغطيته للعقل ووجد ذلك الوصف في معنى اسم آخر كالنبيذ أي المسكر من غير ماء العنب لم يثبت له بالقياس ذلك الاسم لغة، فلا يسمى النبيذ خمرا، إذ ما من شيء إلا وله اسم لغة فلا يثبت له اسم آخر قياسا، كما إذا ثبت لشيء حكم بنص لم يثبت له حكم آخر قياسا، وقيل يثبت به فيسمى النبيذ خمرا فيجب اجتنابه بآية: {إنما الخمر والميسر} لا بالقياس على الخمر، فإن قلت ينبغي ترجيحه فقد قال به الشافعي حيث قاس النباش بالسارق فأوجب القطع وقاس النبيذ بالخمر فأوجب الحدّ. قلنا قاس شرعا لا لغة إذ زوال العقل وأخذ مال الغير خفية وصف مناسب للحكم لا أنه قاس وصف النباش ووصف النبيذ بوصف السارق ووصف الخمر، وقيل تثبت به الحقيقة دون المجاز لأنه أخفض رتبة منها، وقيل غير ذلك والترجيح من زيادتي وبما تقرر علم أن محل الخلاف في غير الأعلام، وفيما لم يثبت تعميمه باستقراء، فالأعلام لا قياس فيها اتفاقا، وما ثبت تعميمه باستقراء كرفع الفاعل ونصب المفعول لا حاجة في ثبوت ما لم يسمع منه إلى قياس حتى يختلف في ثبوته، مع أنه لا يتحقق في جزئياته أصل وفرع، لأن بعضها ليس أولى من بعض بذلك، وخرج بما في معناه وصف غيره فلا قياس فيه اتفاقا لا لانتفاء الجامع..(مسألة اللفظ) المفرد (والمعنى إن اتحدا): بأن كان كل منهما واحدا (فإن منع تصوّر معناه) أي معنى اللفظ المذكور (الشركة) فيه من اثنين مثلًا (فجزئي) أي فذلك اللفظ يسمى جزئيا حقيقيا كزيد. (وإلا) أي وإن لم يمنع تصوّر معناه الشركة فيه (فكلي) سواء امتنع وجود معناه كالجمع بين الضدين أم أمكن ولم يوجد منه كبحر زئبيق أو وجد وامتنع غيره كالإله أي المعبود بحق، أو أمكن ولم يوجد كالشمس أي الكوكب النهاري المضيء، أو وجد كالإنسان أي الحيوان الناطق، وما مر من تسمية المدلول جزئيا وكليا هو الحقيقة، وما هنا مجاز من تسمية الدال باسم المدلول. (متواطئ) ذلك الكلي. (إن استوى) معناه في أفراده كالإنسان فإنه متساوي المعنى في أفراده من زيد وعمرو وغيرهما سمي متواطئا من التواطؤ أي التوافق لتوافق أفراد معناه فيه. (وإلا) فإن تفاوت معناه في إفراده بالشدة أو التقدم كالبياض، فإن معناه في الثلج أشد منه في العاج، وكالوجود فإن معناه في الواجب قبله في الممكن، (فمشكك) سمي به لتشكيكه الناظر فيه في أنه متواطئ نظرا إلى جهة اشتراك الأفراد في أصل المعنى أو غير متواطئ نظرا إلى جهة الاختلاف. (وإن تعددا) أي اللفظ والمعنى كالإنسان والفرس. (فمباين) أي كل من اللفظين للآخر مباينا له لمباينة معنى كل منهما لمعنى الآخر. (أو) تعدد (اللفظ فقط) أي دون المعنى كالإنسان والبشر. (فمرادف) كل من اللفظين للآخر سمى مرادفا له لمرادفته له أي موافقته له في معناه. (وعكسه) وهو أن يتعدد المعنى دون اللفظ كأن يكون للفظ معنيان. (إن كان) أي اللفظ (حقيقة فيهما) أي في المعنيين كالقرء للحيض والطهر. (فمشترك) لاشتراك المعنيين فيه. (وإلا فحقيقة ومجاز) كالأسد للحيوان المفترس وللرجل الشجاع، وإنما لم يقولوا أو مجازان أيضا، مع أنه يجوز أن يتجوّز في اللفظ من غير أن يكون له معنى حقيقي كما هو الأصح الآتي، كأنه، لأن هذا القسم لم يثبت وجوده.(والعلم ما) أي لفظ (عين مسماه) خرج النكرة (بوضع) خرج بقية المعارف فإن كلًّا منها لم يعين مسماه بالوضع بل بأمر آخر، فأنت مثلًا إنما يعين مسماه بقرينة الخطاب لا بوضعه، فإنه إنما وضع لما يستعمل فيه من أي جزئي وما ذكرته أولى من قوله ما وضع لمعنى لا يتناول غيره. (فإن كان تعيينه) أي المسمى (خارجيا فعلم شخص) فهو ما عين مسماه في الخارج بوضع، فلا يخرج العلم العارض الاشتراك كزيد سمي به كل من جماعة. (وإلا) بأن كان تعيينه ذهنيا، (فعلم جنس). فهو ما عين مسماه في الذهن بوضع بأن يلاحظ وجوده فيه كأسامة علم للسبع أي لماهيته الحاضرة في الذهن. وأما اسم الجنس ويسمى المطلق، فهو عند جمع من المحققين ما وضع لشائع في جنسه، وسيأتي إيضاحه في بحث المطلق وعند الأصل تبعا لجمع وهو المختار ما وضع للماهية المطلقة أي من غير أن تعين في الخارج أو في الذهن كأسد اسم لماهية السبع واستعماله فيها كأن يقال أسد أجرأ من ثعلب، كما يقال أسامة أجرأ من ثعالة، ويدل على اعتبار التعيين في علم الجنس إجراء الأحكام اللفظية لعلم الشخص عليه كمنع الصرف مع تاء التأنيث، وإيقاع الحال منه نحو هذا أسامة مقبلًا، واستعمال علم الجنس أو اسم الجنس على القول الثاني معرفا أو منكرا في الفرد المعين أو المبهم من حيث اشتماله على الماهية حقيقي نحو هذا أسامة أو الأسد أو أسد أو إن رأيت أسامة أو الأسد أو أسدا ففر منه..(مسألة الاشتقاق): هو لغة الإقطاع، واصطلاحا من حيث قيامه بالفاعل, (رد لفظ إلى) لفظ (آخر). وإن كان الآخر مجازا (لمناسبة بينهما في المعنى) بأن يكون معنى الثاني في الأول, (و) في (الحروف الأصلية) بأن تكون فيهما على ترتيب واحد كما في الناطق من النطق بمعنى التكلم حقيقة، وبمعنى الدلالة مجازا كما في قولك الحال ناطقة بكذا أي دالة عليه، وقد لا يشتق من المجاز كما في الأمر بمعنى الفعل مجازا كما سيأتي، وقضية الرد ما صرح به الأصل أنه لابد في تحقيق الاشتراك من تغيير بين اللفظين تحقيقا كما في ضرب من الضرب، أو تقديرا كما في طلب من الطلب وحلب من الحلب. فتقدر فتحة اللام في الفعل غيرها في المصدر كما قدروا ضم النون في جنب جمعا غيرها فيه مفردا، ثم ما ذكر تعريف للاشتقاق المراد عند الإطلاق وهو الصغير، أما الكبير فليس فيه الترتيب كما في الجبذ والجذب، والأكبر ليس فيه جميع الأصول كما في الثلم والثلب، ويقال فيها أيضا أصغر وصغير وكبير وأصغر وأوسط وأكبر. (وقد يطرد) المشتق كاسم (الفاعل) نحو ضارب لكل من وقع منه الضرب (وقد يختص) بشيء (كالقارورة) من القرار للزجاجة المعروفة دون غيرها مما هو مقر للمائع ككوز. (ومن لم يقم) أي يتعلق (به) من الأشياء (وصف لم يشتقّ منه) أي من الوصف أي لفظه. (اسم عندنا) خلافا للمعتزلة في تجويزهم ذلك حيث نفوا عن الله تعالى صفاته الذاتية المجموعة في قول القائل:ووافقوا على أنه عالم قادر مريد مثلًا، لكن قالوا بذاته لا بصفات زائدة عليها متكلم، لكن بمعنى أنه خالق الكلام في جسم كالشجرة التي سمع منها موسى عليه السلام بناء على أن الكلام عندهم ليس إلا بالحروف والأصوات الممتنع اتصافه تعالى بها، ففي الحقيقة لم يخالفوا فيها هنا، لأن صفة الكلام بمعنى خلقه ثابتة له تعالى، وكذا بقية الصفات الذاتية، وإنما ينفون زيادتها على الذات ويزعمون أنها نفس الذات فرارا بذلك من تعدد القدماء على أن تعددها، إنما هو محذور في ذوات لا في ذات وصفات، وبنوا على تجويزهم المذكور ما ذكره الأصل هنا وغيره في المسألة النسخ قبل الفعل من اتفاقهم على أن إبراهيم ذبح ابنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام، حيث أمرّ عندهم آلة الذبح على محله منه، واختلافهم هل إسماعيل مذبوح أو لا؟ فقيل نعم والتأم ما قطع منه، وقيل لا. فالقائل بهذا أطلق الذابح على من لم يقم به الذبح، لكن بمعنى أنه ممر آلته على محله فما خالف في الحقيقة، وعندنا لم يمرها عليه لنسخ الذبح قبل التمكن منه لقوله تعالى: {وفديناه بذبح عظيم}.(فإن قام به) أي بالشيء (ما) أي وصف (له اسم جواب). الاشتقاق لغة من ذلك الاسم لمن قام به الوصف كاشتقاق العالم من العلم لمن قام به معناه. (وإلا) أي وإن لم يقم به ذلك بأن قام به ما ليس له اسم كأنواع الروائح إذ لم يوضع لها أسماء استغناء عنها بالتقييد كرائحة كذا كما مرّ. (لم يجز) أي الاشتقاق لاستحالته وهذا أولى من قوله لم يجب. (والأصح أنه يشترط بقاء) معنى (المشتق منه) في المحل (في كون المشتق) المطلق عليه (حقيقة إن أمكن) بقاء ذلك المعنى كالقيام. (وإلا فآخر جزء) أي وإن لم يمكن بقاؤه كالتكلم، لأنه بأصوات تنقضي شيئا فشيئا، فالمشترط بقاء آخر جزء منه، فإذا لم يبق المعنى أو جزؤه الأخير في المحل يكون المشتق المطلق عليه مجازا كالمطلق قبل وجود المعنى نحو: {إنك ميت وإنهم ميتون} وقيل لا يشترط ما ذكر فيكون المشتق المطلق بعد انقضائه حقيقة استصحابا للإطلاق، وقيل بالوقف عن الاشتراط وعدمه لتعارض دليلهما، وإنما عبرت كالأصل بالبقاء الذي هو استمرار الوجود الكافي في الاشتراط ليتأتى حكاية مقابله، وإنما اعتبر في الشق الني آخر جزء لتمام المعنى به وفي التعبير فيه بالبقاء تسمح احتمل لما مرّ، وقيل ما حاصله محل الخلاف إذا لم يطرأ على المحل وصف يضاد الأول، فإن طرأ عليه ذلك كالسواد بعد البياض والقيام بعد القعود لم يسم المحل بالأول حقيقة إجماعا، وهذا القول مأخوذ من كلام الآمدي في ردّه دليل القول بعدم اشتراط البقاء الذي لا يلتزم الراد فيه مذهبنا، والأصح جريان الخلاف، وقد بينت ما في كلام الآمدي في الحاشية، وعلى اشتراط ما ذكر بل وعلى عدمه أيضا.(فاسم الفاعل) من جملة المشتق (حقيقة في حال التلبس) بالمعنى أو جزئه الأخير مطلقا, (لا) حال (النطق) بالمشتق أيضا فقط خلافا للقرافي حيث قال بالثاني، وبنى عليه سؤاله في آيات: {الزانية والزاني فاجلدوا}، {والسارق والسارقة فاقطعوا}، {فاقتلوا المشركين} ونحوها أنها إنما تتناول من اتصف بالمعنى بعد نزولها الذي هو حال النطق مجازا، والأصل عدم المجاز قال والإجماع على تناولها له حقيقة، وأجاب بأن المسألة محلها في المشتق المحكوم به نحو زيد ضارب، فإن كان محكوما عليه كما في هذه الآيات فحقيقة مطلقا. وقال السبكي وتبعه ابنه في دفع السؤال إن المعنيّ بالحال حال التلبس بالمعنى، وإن تأخر عن النطق بالمشتق لا حال النطق به الذي هو حال التلبس بالمعنى أيضا فقط. أي فالإجماع إنما هو في التناول لمن ذكره حال التلبس لا حال النطق، فاسم الفاعل مثلًا حقيقة في من هو متصف بالمعنى حين قيامه به حاضرا عند النطق أو مستقبلًا ومجاز في من سيتصف به، وكذا فيمن اتصف به فيما مضى على الصحيح. (ولا إشعار للمشتق بخصوصية الذات) التي دل هو عليها من كونها جسما أو غيره، لأن قولك مثلًا الأسود جسم صحيح ولو أشعر الأسود فيه بالجسمية لكان قولك الجسم ذو السواد جسم وهو غير صحيح لعدم إفادته. |